السبت، 17 أغسطس 2013

أصحاب السبت ... وأصحاب اليوم




لست بصدد التفسير الموضوعي لآي الذكر الحكيم .. ولا راغبا في بيان ذات القصة .. بل كل مافي الأمر وددت أن نتذكر جميعا بأن القصة القرآنية لم تدون لغاية أدبية فحسب ، وإنما وجدت لأخذ العضة والعبرة غير مختصة بفئة ما ولا زمان ما ولا مكان ما . وبالتالي فمن الأجدر بالجميع أن لا يصم أسماعه أو يتعاطى مع الدستور الإلهي تعاطي الخجلان  أو المجامل وبالتالي تُعطل السنن الإلهية فيعم الدمار والهلاك .
وها نحن إذ نريد الوقوف على العبرة والعظة التي أريد لها أن تؤخذ بنظر الاعتبار من الآيات المباركة التي وردت في سورة الأعراف راجيا التأمل والتدقيق  في مفرداتها : " وسألهم عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتى كانَت حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ في السبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سبْتِهِمْ شرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كذَلِك نَبْلُوهُم بِمَا كانُوا يَفْسقُونَ * وَ إِذْ قَالَت أُمَّةٌ مِّنهُمْ لِمَ تَعِظونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبهُمْ عَذَاباً شدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون* فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين " . والتي أفرزت معادلة ثلاثية الأطراف " الجناة ، المتفرجون ، الناصحون " وهذه المعادلة مستمرة في حركيتها على مدى الدهور مادام الحق والباطل موجودان في هذه الحياة .
وكما ذكرنا سالفا لا نريد الخوض في الجانب التفسيري وإنما نكتفي بالإشارة إلى إن هذه القصة بينت إستحقاق العذاب الإلهي لاثنين من أطراف المعادلة " الجناة والمتفرجون " في حين سلم الطرف الأخير " الناصحون " من العذاب لأنهم أدّوا ما عليهم من وظيفة تجاه الحدث الذي حصل أمامهم  فقاموا  بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغية الحصول على إحدى الحُسنيين أو كلاهما " براءة الذمة أمام الله وهداية الجناة " .
ولو تأملنا ما يجري اليوم بل في كل يوم نجد أن هذه القصة تتكرر وأن اختلفت أحداثها بعض الشيء لكن يبقى المضمون واحدا ويبقى أطراف المعادلة بنفس المسميات على إختلاف أشخاصها . ومن أهم الأمثلة التي يجدر بنا أن نضربها هنا هو ما يجري من منكرات وظلامات في عراق اليوم لا سيما على الصعيد السياسي الذي ضجت له السماوات والأرض احتجاجا على ما يسفك من دماء وما تهتك من أعراض وما تنهب من خيرات . وليت شعري ما أشبه أيامنا بسبتهم ؟! وما أبشع جناتنا كجناتهم ؟! وما أكثر متفرجونا كمتفرجيهم ؟! وما أقل ناصحونا كناصحيهم ؟!
فهاهم العاصون المتسلطون على رقاب الشعب ينتهجون كل الوسائل التي من شأنها الخداع والتمويه ولا يبالون بأي شيء المهم هو السلطة مهما يكن الثمن . فتارة يعمدون كما عمد أسلافهم أصحاب السبت إلى ما يسمى بالحيلة الشرعية وتارة يتسامرون على أنغام الطائفية و أخرى يتبجحون بغطاء المرجعية وتارة يتشدقون بالوطنية حتى افرغوا تلك المفاهيم عن قيمها التي يحترمها الشعب نتيجة لممارساتهم الخبيثة الرعناء .
وهاهم المتفرجون الذين يذكرونني بتلك الفئة الساذجة التي خذلت الحسين وقالت ما لنا والسلاطين !!! وبالتالي كان مصيرهم أن أكبهم الله على وجوهم في النار لأنهم سمعوا واعية الحق وتخاذلوا عن نصرتها . ولا تتعجب فالساكت عن الحق والمتخاذل عن نصرته كمن يحارب الحق لأنهما يشتركان سوية في عدم نصرة الحق أي من لم يكن مع الحق كان ضده .
والمقرح للقلب أن المتفرجين باتوا يرضون بما يحصل من ويلات نتيجة سكوتهم الذي يشجع الظالمين على مواصلة  المسيرة الطاغوتية متبجحين تارة بأن الكلام لا يجدي نفعا وبالتالي يقعون في جناية عدم إبراء الذمة  متناسين بذلك لزوم السعي على الإنسان . أو يتبجحون بأن شرائط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير متحققة غافلين عن هذا السكوت سيؤدي إلى تنامي البدع وزيادة الظلم وإشارة على القبول بما يجري  وبالتالي لا يمكن أن يقبل السكوت بعد أن عرفنا نتائجه .
ولهفي على القلة القليلة " الناصحون " الذين لطالما كانوا غرباء زمانهم بسبب الكثرة الكاثرة والأعم الأغلب الذي يتوزع بين محارب للحق وبين ساكت عنه
فإلى متى يا شعبي المغلوب تبقى مغلوبا ؟ أما آن الأوان لتكون غالبا فتنعم كما ينعم غيرك من الشعوب ؟
أما آن الأوان لتكون بريء الذمة أمام الله جل وعلا ؟
أما آن الأوان لتساهم في هداية الآخرين وإسترجاع حقوق المظلومين ؟
فوالله إن القادم أمر وأقسى ولا نتحمل معاناة أكثر مما تحملناه .
 فلنتعظ مما ذُكر وإلا فالهلاك الإلهي حاصل لا محالة فلا سبتنا يفرق عن سبتهم ولا هلاكنا يفرق عن هلاكهم  .












11/ يناير /2010


 القلم النَدِيّ
أثير فرات الربيعي
 











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق